الرياض ، النرجس
    

الأسر السعودية وغرس ثقافة الإ‘دخار

مجلس شؤوون الأسرة

 

الأسر السعودية وغرس ثقافة الادخار

تعتبر الأسرة المؤسسة الرئيسية التي تتولى مهمة تنشئة الفرد وإكسابه القيم الإيجابية سواء على الصعيد الذاتي أو القيم التي ترتبط بتفاعله مع المجتمع الذي يعيش فيه وتربطه به علاقة تأثير وتأثر تبادلية، وفي مقدمة القيم المهمة التي تعمل الأسرة على تنميتها هي ثقافة الادخار، وضبط السلوك الاستهلاكي، وبناء الوعي بأهمية ترشيد النفقات، والحرص على الإنفاق على قدر الحاجة الضرورية مع وضع أولويات محددة وخطط للإنفاق على المدى القصير والمتوسط والطويل.

وقد أولت المملكة العربية السعودية عناية بقضية الادخار من خلال إقرار الاستراتيجية الوطنية للادخار التي تعد إحدى وسائل تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 المتمثلة في رفع نسبة مدخرات الأسر لتلعب دورًا أكبر في جهود التنمية المستدامة.

ففي عام 2018 كشف مسح للهيئة العامة للإحصاء حول دخل وإنفاق الأسرة السعودية، أن الأسرة تنفق أكثر من دخلها بقليل، إذ بلغ متوسط دخل الأسرة الشهري على مستوى المملكة (11,984) ريالاً، بينما بلغ متوسط الإنفاق الشهري العام للأسرة على مستوى المملكة (12,818) ريالاً، ما يعني الحاجة إلى نشر المزيد من قيم الادخار ضمن منظومة التنشئة المجتمعية داخل الأسر السعودية. 

لقد كانت ثقافة الادخار راسخة في مجتمعنا في مرحلة ما قبل الطفرة النفطية التي شجعت على تسارع وتيرة الاستهلاك بشكل غير منضبط جعل من الاستهلاك غاية في حد ذاته دون النظر إلى مدى أهميته، لذا ما نحن بصدده حاليًا هو إحياء لتلك الثقافة التي غابت لعقود.

وقد استشرف مجلس شؤون الأسرة أهمية البعد التثقيفي، إذ عقد أول منتدى للأسرة السعودية في عام 2018 تحت عنوان "اقتصاديات الأسرة"، بمشاركة خبراء ومتخصصين استعرضوا تجارب محلية ودولية حول أهمية الترشيد والادخار، فضلًا عن التركيز بشكل مباشر على دور الأسرة في المحافظة على الموارد الطبيعية، وجرى أيضًا عقد ورش عمل للأطفال لتشجيعهم على الادخار؛ حرصًا على تأصيل تلك الثقافة بين مختلف الفئات العمرية في المجتمع.

كما أطلق المجلس مبادرة للادخار مع إحدى المؤسسات، اشتملت على تقديم نصائح مفصلة للجمهور بشأن التوفير والترشيد من أبرزها تخصيص مبلغ للادخار والإنفاق على ما هو مهم، بجانب الإلمام بمهارات الإنفاق الذكي، وترشيد استخدام الماء والكهرباء.

وتهدف جهود المجلس أيضًا إلى تمكين المستهلك من التعامل مع كل ما يتعلق بالإنفاق، والتفاعل الإيجابي مع إعلانات التخفيضات عبر التركيز على الاحتياجات الفعلية، بجانب تزويد المستهلك بمهارات تجعله قادرًا على اكتشاف الإعلانات التسويقية المضللة، بما يوفر له حماية قوية من الغش التجاري.

مما لا شك فيه إن تنشئة الفرد على ثقافة استهلاكية صحيحة تمكنه من تحديد هدفه من التسوق وفقًا للموارد المالية المتوفرة لديه، وتجعله يتحلى بـ"التوازن الاستهلاكي"، الذي يُسهم في بناء شخصية متحررة من سيطرة النزعة الاستهلاكية التي تفرز إشكالات اقتصادية واجتماعية خطيرة تؤثر بالسلب على دوره في مسيرة التنمية.

ويبقى القول إن الأسرة بمفردها لا تستطيع غرس القيم الخاصة بالادخار وترشيد الاستهلاك في نفوس الأبناء، إذ يبرز في هذا الإطار أيضًا أدوار تكاملية في تلك العملية التراكمية، من أهمها دور الإعلام في تعزيز تلك الثقافة، والحد من المحتوى المشجع على الاستهلاك، فبتضافر جهود المجتمع قاطبة يتم إرساء ثقافة ادخار راسخة لا تتزعزع.

 

 

المصدر بتصرف:

الأسر السعودية وغرس ثقافة الإ‘دخار
مدونة المستهلك
تبرع سريع